Thursday, November 27, 2008

أولاد حارتنا

قرأت أخيراً قصة أولاد حارتنا للكاتب الكبير نجيب محفوظ و كان الدافع لقرائتها أنها قصة مثيرة للجدل لمؤلف محترم مصرياً و عربياً و عالمياً خاصة في أوساط المثقفين و المتعلمين و له حيثيته و أنا بطبعي أحترم الشيئ المثير للجدل حتى لو لم أتفق معه فهو ليس نكرة لكونه تقليدي ولانكرة لكونه شطحة جنونية بلا معنى لشخص أحمق (و ما أكثرهم) .

و كتابات نجيب محفوظ عامة تتميز بأنها تنقلك لعالم القصة حتى تكاد تنسى العالم الخارجي و في نفس الوقت فهي شديدة المصرية أشخاص أو كمجتمع ، حتى أكاد أنصح من يريد أن يعرف مصر دون أن يراها بأن يقرأ كتابات محفوظ !

و ليس لي ملام عليه في أدبه سوى إهماله للتأثير الإسلامي على المجتمع و إن كانت فترة إنتاجه الأدبي ضعيفة إسلامياً (فترة إشتراكية عبد الناصر).

و لنعد للقصة الجدلية و التي قال البعض أن بها إسقاط على الذات الإلهية و الأنبياء حيث تباينت ردود الأفعال :
  1. فدافع بعض المفكرين قائلاً بأنها ليست إسقاط و لكنها وصف للحارة
  2. و دافع مفكرين أخرين أكثر تحرراً بأنها حتى لو كان بها إسقاط فلا خطأ في ذلك
  3. و ذهب بعض الإسلاميين لتكفير نجيب محفوظ (حتى قام البعض بمحاولة قتله تحت مسمى إعدام المرتد)
  4. و ذهب البعض الأخر من الإسلاميين لخطأه بدون تكفير

و رأيى الشخصي أنها إسقاط في صورة أدبية عبقرية لله سبحانه و تعالى و الأنبياء الكرام على الحارة المصرية إلا إنني لست أدري كيف إجترأ على ذلك (قد يكون ضعف إيمان بسبب تلك الفترة من عمر مصر 1968) و سأسوق أدلة مبسطة و مختصرة على صحة رأيي من صميم الرواية.

و لكن قبل أن يفهم أحد أنني أطعن في إيمان نجيب محفوظ فيجب أن أسوق كلامه أو ما معناه : "لم أقصد قط التطاول على الذات الإلهية أو على الأنبياء بل قصدت أن أجسد الصراع بين الدين و العلم و أني لا أقبل المزايدة على ديني و إنني مؤمن إيماناً تاماً أنه لا نهضة لبلد إسلاميبدون إتباع الدين" و بعد كلامه لا أتكلم في إيمانه إلا أنه كان ينوي خيراً فألف هذه الرواية أما الحكم الشرعي فيها فلا أعلمه و لكنني لم أسمع عن حكم شرعي قطعي خاص بتلك الرواية.

و القصة بإختصار تحكي سبع قصص متتالية لسبع شخصيات :
1) جبلاوي : الأب القاهر فوق أبنائه و الذي لا يجوز لأحد عصيانه و الذي يقسم الأرزاق كيف يشاء و لا يخضع للأسباب يعيش في ملك كامل وحده ، يسمح لبعض أبنائه دخول بعض الأماكن و بعضها محرم عليهم و لكن من أهم الأماكن المسموحة لهم الجنينة الخاصة بملكه و له العديد من الأبناء أكبرهم إدريس المترف المنعم و أصغرهم أدهم (إبن الجارية السوداء) المجتهد المتعلم و المستمتع بالنعيم في نفس الوقت .

عهد الجبلاوي لإبنه أدهم بإدارة أملاكه نظراً لتعلمه و إجتهاده ، ووجب على أبناء الجبلاوي طاعة أدهم الصغير إبن الجارية . ثار إدريس و رفض الطاعة و تطاول على الجبلاوي فطرده الجبلاوي من رحمته و من جنته و منع أهل البيت من التعامل معه.

2) إدريس : طرد من البيت و عاش حياته للشر و بالشر يحض على الفسق و الفساد و مارس البلطجة على كل الحواري المجاورة و عاش مما يسلبه من أصحاب الأشغال و لا يستطيع أحد رده عن ظلمه خوفاً من بطشه أو إكراماً لأبيه أو خوفاً من أبيه .

3) أدهم :إبن الجبلاوي و مدير أعماله، طيب و مطيع و مجتهد حاول أن يشفع لإدريس عند الجبلاوي ليعود للبيت الكبير و لكن لم تجدي شفاعته ، و ظل يعاني من تطاول و سوء أدب إدريس ، إلى أن وجده ذات مرة طيباً ذليلاً منكسراً يسأله أن يقرأ الكتاب السري الخاص بالجبلاوي في الحجرة السرية لكي يطمئن على مستقبل نسله ، و خاف أدهم و صارح زوجته و فأقنعته بفعل ذلك ، و حين حاول القراءة إكتشفه الجبلاوي فغضب عليه و طرده من جنته ، و كان على أدهم أن يعيش في الحارة و أن يدبر شئون حياته و يصد مضايقات إدريس في نفس الوقت. ثم أنجب همام و قدري.

4) همام و قدري : أخان كانا يعملا سوياً كان همام طيباً كريماً حالماً يفضل العقل و الهدوء بينما كان قدري يحب القوة و العنف و كان أحياناً شريراً مثل عمه إدريس و دعى الجبلاوي همام للعيش في البيت الكبير (جنة الجبلاوي) فغار منه قدري فقتله عن غير قصد و تزوج قدري هند بنت إدريس و بدأ نسل الحارة (حارة الجبلاوي)


5) جبل : و هو إبن الحارة و الذي أحبته زوجة ناظر الوقف و هو طفل (مدير أعمال الجبلاوي) و ربته حتى بلغ أشده و في ذلك الوقت كان ناظر الوقف يستأثر بالربح هو و الفتوات و الويل لمن يحاول أن يسأل عن حقه من أهل الحارة و حين حدث الإختلاف بين أهل حيه في الحارة (حي آل حمدان) و ناظر الوقف وقف جبل مع أهل حيه ضد الناظر . و حدث له موقف أن أحد أولاد حيه تشاجر مع أحد أبناء الحيين الأخرين فوكز إبن الحي الأخر فقتله و بعدها بمدة يسيرة وجد نفس الرجل يتشاجر مرة أخرى فذهب لفض الشجار فقال له صديقه "عايز تقتلني زي ما قتلت الراجل التاني ، إنت مفتري".

فخرج جبل إلى المقطم و إلتقى ببنتين يملآن الماء لأبيهم و لكنهم لم يستطيعا بسبب زحمة الرجال فأحضر لهما الماء فجاء أبو البنات ليشكره و يزوجه إحدى إبنتيه . و بعد فترة عاد من المقطم للحارة فحدثه الجبلاوي بأنه يجب عليه إنقاذ أهل حيه آل حمدان و إسترجاع حقهم المسلوب .

و حدثت بعض المناوشات الخفيفة ثم دبر جبل للفتوات خدعة بحفرة مليئة بالماء و مغطاة بالأخشاب الضعيفة و بعد بعض المناوشات هجم عليهم الفتوات و سقطوا في الماء و غرقوا و إنهال الأهالي عليهم ضرباً بالأحجار و الشوم . و مات الفتوات المدافعين عن ناظر الوقف فعاد لآل حمدان حقهم من أموال الوقف . و كان شعاره العين بالعين و السن بالسن و البادي أظلم و أقام العدل في الحي بالقوة.

6) رفاعة : و هو الرجل المسالم المسامح الكريم و الذي يسعى لإخراج العفاريت من أجساد الناس فهو المخلص للناس من شرورهم!! حاول دعوة آل حمدان إلى إخراج العفاريت منهم و لكنهم سخروا منه و أهملوه و سفهوا رأيه . كان دائم الدفاع عن ال ضعفاء و حين أمسكوا بإمرأة خارجة من بيت الفتوة ثار الجميع عليها و لكنه قال بأن المذنب في الأساس هو الفتوة فكان الوحيد المدافع عنها ضد الحارة التي تستحل الخطأ لنفسهم و يحرمونه على غيرهم (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) .

حين لم يلقى إستجابة من حيه ذهب إلى الحي المجاور في الحارة لخدمة الفقراء و بدء يتجمع حوله الفقراء و تاب على يده العديد من العصاة م(فتوة و قواد و نشال و غيره) و إصطفى مجموعة من الأصدقاء لتبليغ رسالته . و بدء أصدقاءه و محبيه من الفقراء يشكلون قوة تدافع عنه ضد قوة الفتوات حتى كادوا أن يفتكوا بأحد الفتوات لو لم ينقذه رفاعة نفسه من أيديهم . فبدأ الفتوات يحاولون التخلص منه حتى إستطاعوا التخلص منه بعد غدر إمرأته به .

فدفنوه بالقرب من بيت الجبلاوي و أخرج أصدقائه جثته و دفنوه في مكان آخر حتى ساد الظن أن الجبلاوي نفسه أخذه من موته لداخل ببيته فنما في الحارة الإيمان بقدسية هذا الرجل الذي إحتقر الجاه و المال . فزاد أتباعه و مريديه بموته و تجمع أصدقائه على نشر دعوته و الثأر له حتى قضوا على الفتوات و عاد للحارة الأمن و السلام و العدل .

7) قاسم : شاب طيب كريم عاقل يحل مشكلة نزاع بين فتوات الحارة بما يحفظ ماء وجههم ، يتزوج من أرملة شريفة و كريمة بالأربعين من عمرها ، يربي إبن عمه و يدعو صديقه صادق لمنهجه و فكره لصلاح الحارة بأكملها بدون تفريق بين حي و أخر ، و يدعو الناس لمنهجه و يبدأ يتجمع حوله الناس مما يثير ضيق الفتوات و ناظر الوقف فيعيش في حماية عمه لفترة ثم يموت عمه و تموت زوجته .

يبدأ الفتوات في التحرش به فيهاجر إلى جبل المقطم و يتبعه الناس تدريجياً من الحارة تباعاً حتى تتكون قوة كبيرة في الجبل، يتزوج قاسم من إبنة صديقه صادق ، فيذهب الفتوات لقتاله في الجبل و لكن قاسم و رفاقه يستطيعون هزيمة الفتوات و قتلهم ثم يعودون إلى الحارة و يسود الحارة العدل و الوئام في حي قاسم و حي رفاعة و حي جبل و يعود الوقف للتوزيع بصورة عادلة و يموت قاسم و يرث صادق الحارة فيسيطر على بعض التمردات حتى يعود للحارة السلام من جديد

8) عرفة : هو رجل مجهول النسب إحترف السحر (الكيمياء و الصيدلة) إستطاع أن يصنع أدوية تعالج الأمراض و تقوي الصحة و غيره ، لم يؤمن قط بجبل أو رفاعة أو قاسم ، في البداية أنكره الثلاثة أحياء ، ثم حين ظهر أثره إحترمه الأحياء الثلاثة ، تمكن من الدخول لبيت الجبلاوي ، حاول أن يتطلع على الكتاب السري الذي طرد بسببه أدهم من جنة الجبلاوي و لكن الخادم رآه فقتل الخادم .

مات الجبلاوي حزناً على مقتل خادمه . بعدها قام عرفة بقتل الفتوة و إخترع متفجرات تقتل من قد يقترب منه و لكن ناظر الوقف علم بأنه عرفة هو السبب بقتل الجبلاوي و الفتوة ، فإستطاع إستمالته للشر بالتهديد و الترغيب في النعيم و تمت تصفية كل الفتوات في الحارة و سيطر الناظر على سكان الحارة بالمتفجرات . حاول عرفة الهروب من الناظر و لكنه أمسكه لحظة الهرب و قضى بإعدامه.

يقول النقاد أن عرفة هو رمز العلم في آخر الزمان و الذي كفر بكل دين و الذي حين أراد فعل الخير فتطاول على ما هو مقدس (الجبلاوي) فقد خيريته و صار شر مطلق على كل الناس


و هنا تنتهي الرواية.

و الحكم للقارئ إن كان هناك تشابه بين ما رويت و بين قصص النبوة

يبقى أن أقول أنني أقبل أن يقول البعض أنه لم يقصد التطاول أو أنه أخطأ ثم تاب أو أن هذه حرية رأي (مع تحفظي). لكني لا أقبل إطلاقاً الرأي القائل بأن هذه القصة لا تقصد الرمز لله سبحانه و تعالى و الأنبياء ، فهذا التشابه في الأحداث أكثر ترابطاً من أن يكون مجرد صدفة في فكر كاتب.

أحمد حسني
Ahmad Hossny
Qasaqis.BlogSpot.com


Wednesday, November 5, 2008

ده تخلف

- ده تخلف

قالها اللي جنبي بعصبية

- قلتله إيه اللي تخلف ؟ قال "الناس اللي في سوق السيارات يركنوا عربياتهم في وسط الشارع و يقفلوا الطريق على اللي رايح و اللي جي"

- قلت ببراءة "طيب يعني المفروض يعملوا إيه" .. قال بغضب (غالباً مني) "يركنوا عربياتهم في موقف السوق خاصة إنه كبير و فيه أماكن فاضية بس هم عايزين يبقوا بره عشان يبيعوا بسرعة و ياخدوا أحسن زبون"

- تسائلت تاني : "و هم غلط إنهم عايزيم مصلحتهم ؟؟"

- لأ الغلط إنهم عايزين مصلحتهم على حساب المصلحة العامة !

قلت في عقلي صح .. الناس دي مبصيتش أبعد من رجلها .. مصلحتها الشخصية و طز في مصلحة المجتمع

و لو سألت واحد من اللي في السوق .. يقولك منا كنت بقف جوه محدش بيجيلي .. ليه ؟ عشان فيه ناس تانية بتقف بره بتاخد الزبون (قلت في عقل بالي و توقف الطريق و طبعاً لو قلتله منت كدة بتأذي الناس التانية حيقوول يعني أموت نفسي عشان الناس التانية أخسر أنا عشان الناس التانية )

و مهياش شغلته إنه يدخل الناس اللي بره جوه

طيب و فين الهيئة التنظيمية ؟ اللي هي في الحالة دي المرور .. كالمعتاد مش موجود .. ليه ما تعرفش ؟ طيب و عدم وجود المرور ده مش تخلف ؟ يمكن برضه عايز مصلحته الشخصية على حساب مصلحة العامة !

يعني كل المشكلة هيه الإيثار (المصلحة الخاصة على العامة وللا العكس) ، أو النظر خطوتين قدام بدل ما بنبص تحت رجلينا !

السؤال اللي بيطرح نفسه .. طيب الناس المعترضه عملت إيه؟؟؟ .. ولا حاجة .. ولا حتى رفعت الموبايل تطلب اشرطة و تبلغ عن الوضع الي حاصل . طيب ماهي السلبية دي الأخرى تخلف !

يعني هو عشان موجعش دماغي أسيب الغلط قائم و أشتم بعصبية و أقول ده تخلف و بس ؟؟

في الأخر كبرت دماغي و قلت و أنا مالي و رجعت لهمومي العادية ما بين شغل و غلاء و حياة و غيره . (يعني كمان أنا مالي طلعت مشكلة و لا بتحاول تعمل حاجة كويسة و لا تمنع حاجة وحشة)

و لتستمر سيمفونية التخلف ....


Ahmad Hossny
Qasaqis.blogspot.com