Friday, May 16, 2008

التغيير

كنت أتسائل عن مفهوم التغيير و من يستطيع القيام به ؟ كنت أظن أن المفكرين هم أقدر الناس على ذلك و لكن بمراجعة التاريخ الحديث و الأحداث المعاصرة وجدت أن عبد الوهاب المسيرى بحركته الثقافية لم تحقق شيئاً على الساحة السياسية المصرية ووجدت العقاد كذلك و غيرهما كثير ، مما زرع لدي الشك بأن ليس المفكرين هم رواد التغيير !

فالتغيير لا يأتى من شخص يفكر و يقارن بين الأفكار بحيادية تامة ..التغيير يأتى من شخص مؤمن بفكرة .. و يطوع كل ما حوله لخدمة هذه الفكرة .. فالتغيير يأتى من القناعة التامة بالفكرة و الإصرار على نشرها !

و بالتالى يركز عزمه كله و يحاول يشحذ همم كل من حوله لنفس الفكرة و يركز تفكيره على هدفه و كيفية تحقيقه و كيف يقنع الناس بيه

فبيبقى عنده قوة دافعة من الخلف و هي الفكرة التى يؤمن بيها .. و قوة جاذبة من الأمام و هو الهدف الذى يريد تحقيقه .. و عنده بؤرة الإهتمام المركزة لكل جهوده و أفكاره

و أظن إن هذا حدث مع الأنبياء فكانت القوة الدافعة هي الإيمان المطلق بالله و و كان الهدف هو نشر الرسالة.

و كذلك حدث مع القادة المؤثرين فى تاريخ البشرية سواء بالإيجاب أو السلب أمثال غاندى فى الهند و لنكولن فى أمريكا و نابوليون فى فرنسا و بسمارك و هتلر فى ألمانيا و عبد الناصر فى مصر (هذا بغض النظر عن محتوى الإيمان إن كان صواب أم خطأ و عن الهدف إن كان مفيد أو ضار )

و كلهم كانوا زعماء و كان عندهم كاريزما و كانت لديهم القدرة على التأثير فى من حولهم و نقل إليهم ما نسميه مجازاً عدوى الإيمان

و على النقيض فهناك من هم مفكرين بلا عزم .. حيث أن الفكر بطبعه قائم على الحيادية و عدم التحيز و أحياناً التشكك فى كل شيئ مما يجعل الإنسان ليست لديه القدرة أو العزم على الكفاح من أجل هدفه لأنه بطبعه متشكك ووارد لدى المفكر أن يكتشف أنه مخطئ بسهولة (فالمفكرين أسهل الناس إعترافاً بالخطأ و القادة هم أصعب الناس فى الإعتراف بالخطأ إلا فيما ندر) و أمثال ذلك كثيرون بدءاً من أفلاطون و أرسطو و مروراً بعلماء العرب ثم فلاسفة عصر النهضة أمثال ديكارت و سارتر ثم مفكري الحداثة فى الوطن العربى فى القرن العشرين أمثال العقاد و جبران و أحمد لطفى السيد و غيرهم.


و أظن و ليس لي علم بذلك .. أنه لذلك كانت النبوة تبدأ بعد سن الأربعين (أى بعد الدراسة لأحوال الحياة و مناهجها و الوصول إلى الإيمان المطلق بالله بصورة بديهية من النبى كإنسان قبل أن يكون إيمان مطلق بالله من النبى بما أرته الرسالة أو النبوة من أيات أو معجزات) هذا بالإضافة إلى أن الإنسان يبلغ أشده (عقلا ً و جسداً و عاطفةً و غيره) سن أربعين سنة

و بمراجعة سير هؤلاء الناس نجد أن أثراهم تجربة و أوسعهم فكرا فى شبابه كان أعقلهم فى زعامته و أضرب مثالي غاندى و هتلر لأن غاندى كان و اسع الأفق متطلع على الأديان المختلفة و الأفكار و الثقافات المختلفة مما أكسبه سعة أفق ساهمت مع عزيمته و إصراره فى الكبر فى نجاح أهدافه

و على النقيض كان هتلر كزعيم وحدوى الفكر ذو كاريزما عالية لا يؤمن بالأخر ولا فكر الأخر و لا أى شيئ أخر سوى فكره و نفسه و أسلوبه !! و لذلك فكره السطحى و عزيمته القوية و إيمانه بمبدأه (ألمانيا فوق الجميع) سبب صعود سريع لألمانيا أعقبه إنهيار سريع لأنه بنى الدولة على أساس إيمانى و فكرى هش

و يجدر بالذكر الزعيم ماوتسى تونج الذى تمرد على الشيوعية و أعاد صياغتها بصورة رأسمالية لتلائم المجتمع الصين بما يمثل بداية نهضة للإقتصاد الصينى فى الكثير من المجالات.

هذه رؤيتى الشخصية .. و الله أعلم

No comments: