Wednesday, August 13, 2008

مصري حتى النخاع


من وقت الوقت أتسائل و أظن أن الكثير من شباب هذا الجيل يتسائل عن مصر و حب مصر و الإنتماء لمصر و هل تستحق مصر منا ذلك و إن خيرنا بين الجنسية المصرية و أى جنسية أخرى أيهما سنختار

و بداية أود التعريف بمصريتنا : حين نقول "تم تكريم الشاب المصري" فإن إعراب كلمة مصري هو صفة للشاب مثلما نقول "الشاب الطويل" و لم يحصل الشاب على هذا الوصف إلا لأنه ينطبق عليه بتطابق صفات أى إنسان مصري (و لذا نسمع البعض يقول فلان إنجليزى بس مولود في مصر أو فلان فيه عرق تركي أو بنت فرنساوية ) عليه مثلما يعامل بعض الأجانب على أنهم مصريين لأخذهم هذه الصفات من مصر و أشهرهم محمد علي باشا (الذي أخذ لقب أفضل حاكم مصري فى العصر الحديث رغم أنه ألباني الأصل و تركي الحكم) .إذن فكلمة مصري صفة تجمع بإختصار مميزات و عيوب أشخاص مصر و مجتمع مصر !

و أظن أنه حين ينظر أي منا للخير بداخله و يقيسه على مصر سيجده موجودا فى مصر كدولة و مجتمع و أفراد و حين ينظر للشر بداخله سيجده موجوداً في مصر كدولة و مجتمع و أفراد ، أي أن مصر ما هي إلا إنعكاس لكل شخص فينا و كل شخص فينا ما هو إلا إنعكاس لمصر (على الأقل بنسبة 70 %).

و ماذا عن المتفوقين من أهل مصر رغم فشلها ؟ إنهم ما هم إلا إنعكاس لخاصية متفردة فى مصر ألا وهي النجاحات الفردية و عدم القدرة على النجاح الجماعي و كلنا نعلم النكتة القائلة "مصري واحد ينافس ياباني واحد فيفوز المصري ثم إثنان مصريان ينافسان إثنان يابانيان فيتساوى الفريقان ثم ثلاثة مصريين ينافسون ثلاثة يابانيون فيفوز اليابانيون" ، و تاريخ مصر من الحكام المتفردين الأقوياء يشهد بذلك و لا أتذكر أن نجح في مصر أي نظام برلماني !

فلا أظن أن هناك معنى أن يتبرأ أحد من مصريته إلا لإن يكون يخدع نفسه ، أو ينوي أن يستأصل مصريته بعملية نفسية و عقلية و دينية تدمجه دمجاً فى مجتمع آخر و تنسيه كل ما يربطه بالمجتمع المصري حتى تصبح مصر بالنسبة له مثل الصين أو كازاخستان و لا أظن هذا سهلاً ! أو الحل الثالث و هو الأفضل و هو ما أختاره أن يحاول أن يجعل نفسه أفضل و يجعل مصر أفضل حتى لا يحتاج للتبرأ منها.

-------------------

يقول البعض إنى أكره مصر و أتمنى لو لم أكون مصرياً ، و على ما أظن أن هذا الشخص إما يقول هذا اللفظ ولا يعنيه (فنجرة بوء) أما إن كان يعنيه فهو على الأرجح يكره نفسه قبل أن يكره مصر و على أغلب الأحوال يكون شخص فاشل أو مريض نفسياً و يدعي أن كل مشاكله بسبب المجتمع (بدون أخطاء منه) !!! و هذا الشخص يمثل جزء من كره مصر لذاتها بسبب ما وصلت إليه من تردي و تخلف و ضعف سواء بسبب سلبية أو خلافه !!

ما دفعني لكتابة هذه المقال هي أزمة الهوية التي يعيشها الشباب فالبعض يقول "أكره مصر" و البعض يقول "أتمنى أني لم أكن مصرياً" و البعض يقول "مصر مش أمي دى مرات أبويا" و البعض يقول "لو إحتلت إسرائيل سيناء لن أدافع عنها ، دي بلدهم يا عم هم يدافعو عنها" و في إحصائية فى موقع مصراوي عن نسبة من يحب مصر كانت النسبة حوالي 55% يحبونها و 45% لا يحبونها!!!

و رغم أن البعض يقول ذلك و يعنيه لسبب أو آخر !! فإنى أصر أن أغلب هذه الأقوال إما قول بلا قصد أو للتعبير عن غضب أو رد فعل لحدث لحظي و يزول بعدها و يعود الحب الفطري للوطن و قد يكون هذا تفاؤلاً مني أو أملاً فى الأفضل !

إن مصر فى حلقة مفرغة من فشل الشباب يتم إسقاطه على فشل النظام و فشل النظام يتم إسقاطه على فشل الشباب و كل منهم يتحجج بالآخر ، و يجب كسر هذه الحلقة المفرغة و إن كنت لا أقدر على تحسين الدولة من ناحية النظام فإن لي الحق و القدرة على تحسين الدولة من ناحية الشباب أو الشعب و لو على المحيط الضيق !


إن أسباب هذه الأزمة في رأيي هي :
  • تخلف مصر فى العشر سنوات الفائتة و تقدم دول أخرى كانت أقل منا مثل الإمارات و ماليزيا
  • الإنفتاح الفضائى و الإطلاع على الثقافات الأخرى خاصة الغربية
  • الإنسياق وراء الغرائز والذى أفقد مصر أحد مميزاتها الأساسية أنها دولة متدينة سواء أيام الفراعنة أو الأقباط أو المسلمين
  • العولمة الفكرية فصار الضغط الفكري الخارجي أكبر من الداخلي فلا يحدث توازن بينهما و بالتالي تتقلص مساحة هويتنا سواء فكر عربي أو فكر غربي
  • العولمة الإقتصادية فصار الضغط الإقتصادي الخارجي أكبر من الداخلي فلا يحدث توازن بينهما و بالتالي تتقلص مساحة حريتنا سواء إقتصاد صينى أو أوروبي أو أمريكي
------------------------

و أخيراً لا أنسى أن أذكر النظرة الإسلامية يتخيل البعض أن الإنتماء للإسلام يتعارض مع الإنتماء لمصر و هم الإثنان مختلفان (مثل إختلاف الرياضيات و الأحياء) يلتقون فى نقاط و يبتعدون فى نقاط و لكنهم ليسوا أعداء أو حتى متنافسين !

إن عبقرية الإسلام فى مرونته في التطبيق و وضوحه فى الثوابت و لا تعارض بينهما . و هذه المرونة تتقبل بداخلها كل المناهج التطبيقية و تتلائم معها ما لم تتعارض مع الثوابت الإسلامية (أحد هذه المناهج التطبيقية ما تم أيام الخلفاء الراشدين رغم إختلاف أسلوب الحكم من خليفة لأخر). و لعل التجربة التركية فى العشر سنوات الأخيرة و جنوحها للتوازن الإسلامي رغم علمانيتها يدل على ذلك !

إن للإسلام أهداف يجب أن يحققها النظام (الفردي أو الإجتماعي أو الحاكم) و حدود يجب ألا يتعداها النظام و ما دام يحقق أهدافه و لا يتعدى حدوده فله الحق في طرح كل البدائل الممكنة للتطبيق .

و قد أقترح هنا بعض الحلول (من باب الإيجابية)، قد تكون سطحية لكن قد تساهم فى الحل:
  • العودة لهوية الدينية بفهم الدين و ليس مجرد الإتباع الأعمى
  • التعلم بقدر المستطاع و بأى وسيلة حتى نخرج من عقبة الجهل ثم نبدأ في مرحلة الإبداع
  • إعمال العقل فى فهم كل شيئ حتى لا نكون مجرد مقلدين و نكون مستوعبين الدافع لكل شيئ نفعله و الهدف المرجو منه
  • التغيير برفق في محيطنا الضيق بتوعية من حولنا بما نؤمن و يؤمنوا بأنه خير (فلنبدأ بإيماننا المشترك و نبعد عن مواضع الخلاف)
  • التحصن ضد الإحباط و اليأس

قد يكون كلامي مثالي أو غير قابل للتطبيق أو حالم بصورة زائدة و لكن هذه أفكاري الحالية و لو أملك ما هو خير منها لقلته. و لكني بجميع المقاييس مصري حتى النخاع أرى فى نفسي مصر بمميزاتها و عيوبها و أعلم أن مصر لن تكون أفضل إلا حين أستغل مميزاتي و و أعالج عيوبي. فإن مصر لن تكون مثل الولايات المتحدة إلا حين أكون أنا كمهندس برمجيات مثل بيل جيتس أو بول ألين !


و شكراً
أحمد حسني
Ahmad.Hossny@gmail.com
http://Qasaqis.blogspot.com

No comments: