Thursday, August 21, 2008

مسئولية جيل

كنت أفكر في مصر ونهضتها و على من تكون مسئولية تلك النهضة ؟ فكان الرد المنطقي هو الجيل الحالي شباب 25-40 عاماً و حين بحثت عن أساس النهضة و جدت أنه تنظيم العلاقة بين ماضينا و حاضرنا و مستقبلنا لأن من ليس له ماضي ليس له هوية في حاضره ولا أساس يبني عليه حضارته و فكره و من ليس له مستقبل فمصيره الموت .

الجيل الحالي هو المسئول عن النهوض بالبلد و تدارك أخطاء سنوات فائتة و أجيال سابقة و تجهيز قاعدة قوية يستطيع الجيل القادم البناء عليها .و هنا أذكر العلاقة الحالية بين الجيل الحالي و الأجيال السابقة كيف تنبغي أن تكون؟ثم العلاقة بين الحاضر و المستقبل كما هي و كيف تنبغي أن تكون ؟ بما يصب في مصلحة مصر :

إن الجيل الحالي للأسف ينقم على الجيل السابق بسبب قلة المال أو قلة الحيلة أو السلبية أو عدم المشاركة في الحياة السياسية بإعتباره السبب في تأخر مصر في الفترة الحالية و و بالتالي يرفض الشباب وضعهم الحالي من فقر و جهل و مرض سواء بصورة شخصية أو صورة وطنية(و لهم الحق في هذا الرفض)، و بعض شباب الجيل كذلك ينقم على الجيل السابق عدم تفهمهم للأفكار الجديدة و لحماس الشباب و عدم إفساح المجال لهم للإبداع و لتطبيق أفكارهم.

إن البعض يدعي أن هذا الصراع طبيعي بين الأجيال. و قد يكون هذا طبيعياً فى بعض المجتمعات لكن لا أتوقع أن تكون هذه المجتمعات متقدمة فمن ليس له ماضي ليس له حاضر فالولايات المتحدة و التي لا يزيد تاريخها عن 500 عام تفخر و تمجد و تعظم إبراهام لنكولن و جورج واشنطن و بنيامين فرانكلين ، أما شبابنا المصري فحين يذكر سعد زغلول يقول "مفيش فايدة" و هي المقولة التي قالها بسبب مرض موته حين إنتهت حياته و حين يذكر حياة مصطفى كامل يقول : "لا حياة مع اليأس .. و لا مع غيره "!! ولا يتذكرون باقي الأفعال العظيمة لهذين الشخصين أو غيرهم.

هذه هي العلاقة بين ماضينا و حاضرنا ، و لكنني أتسائل هل يمكن أن تكون هذه العلاقة (نقمة و تجاهل)أساس لنهضة أمة ؟؟ هل يمكن لأمة تركز قواها في صراع داخلي بين الأباء و الأبناء أن تنجح ؟؟

إن الجيل السابق كان جيل يحارب في سبيل مصر و نحن لم نذق من ويلات الحرب شيئاً ، كان يحاول أن يوفر لنا الأمن بأي ثمن (بمعنى الكلمة) و هذا ما فعلوه فعشنا أمنين حتى نسينا الخوف و نقمنا عليهم الفقر و لمنا عليهم السلبية حتى إن كانت لصالح الجيل الحالي.إننا إن لم نتفهم الجيل السابق لنا و دوافعه و أهدافه و مشاكله فإننا نتنصل من ماضينا . يجب علينا ان نستغل ما وفروه لنا من أمن وسلام في علاج فساد النظام و بناء حضارة علمية و أخلاقية حقيقية و في تنمية أنفسنا و تنمية البلد .

و أظن أنه يكون من السذاجة أن نهدر ما بذلوه لأجل السلام فى أي حرب مع أي دولة ما لم يكن لها مبرر قوي و إلا فإننا نهدر مجهود بذل و تنازلات تمت في ثلاثين عام لأجل إنشاء جيل لم يعاني من الحرب (و إن عانى من الفساد).

إن إدارة العلاقة مع الماضي الأن في يد الشباب و قد تكون نقمة أو تجاهل أو معذرة ، لكني أفضل أن نعذر أخطاء سابقينا و نتعلم مميزاتهم و نستغلها لصالح مصر.

أما عن العلاقة بين الجيل الحالي و الجيل الصاعد:
فإننا نجد شريحة من الجيل الحالي و هم مواليد السبعينات و أوائل الثمانينيات ناقمين بشدة على الجيل الصاعد جيل الدش و الفضائيات أو جيل ستار أكاديمي ! يقولون هو جيل تافه أو جيل مستهتر أو جيل غير مهذب و غير طموح و غيره من الأقاويل و التي تتراوح بين الحقائق و المبالغات .و ينسون أو يتناسون دورهم في توجيه الجيل الناشئ بإعتبار أننا أوعى منهم بالتأثيرات الجيدة و السيئة للفضائيات و الإنترنت و العولمة .

إن الجيل الصاعد هو ضحية العولمة من تليفيزيون و فضائيات و إنترنت و أفكار متضاربة شرقية و غربية و دينية و إباحية و غيره و هو يعاني أزمة الهوية و لم يجد من يرشده بسبب عدم وعي الأباء و عدم مساعدة الأخوة لإخوتهم .و إننا إن لم نساعد الأجيال الناشئة في الوقوف على أقدام راسخة فى المجتمع ، فإننا ندمر مستقبل هذه البلد مع سبق الإصرار و لأجل مصالحنا الشخصية!

إن علاقتنا مع الجيل الصاعد يجب أن تكون قائمة على الحوار و إحترام عقل الشباب و تفكيره ، و كذلك توعيته بالأخطار الخارجية من الثقافات المختلفة و التي تتنافى مع ديننا حتى لا يفقد هويته ، و أن نكف عن التقليل من شأنهم و من قدراتهم بل نعمل على تنميتها لصالحهم و صالح البلد

إن مسئولية الجيل الحالي هي التوفيق بين الجيل الماضي و الجيل القادم ، بين إستغلال نجاحات الجيل الماضي و بناء قاعدة أقوى للجيل القادم لينجحوا على أساسها ، إننا مطالبون بأن نتفهم الجيل الصاعد و أفكاره بدلاً من النقمة عليهم و تحطيم معنوياتهم (حتى لا نكرر ما نراه خطأ من أبائنا).إن الأجيال الماضية كانت حلقات منفصلة كل منها يتنكر لما قبلها ، يجب أن نكون نحن حلقة وصل بين الماضي و المستقبل ، هذا إن كنا نرغب في نجاح هذه الأمة.

علينا أن نستغل مميزات الجيل الماضي (من حكمة و أمن) و مميزات الجيل الصاعد (من قوة و شباب) لبناء هذه البلد ، فإن النجاحات تبنى على إستغلال المميزات قبل أن تبنى على إصلاح العيوب و في كلاهما خير .

هذا رأيي و الله أعلم

Ahmad Hossny
http://www.qasaqis.blogspot.com

No comments: