Friday, October 23, 2009

تطور الشتائم في مصر

إن الشتيمة هي النتيجة اللحظية لغضب الإنسان و عدم قدرته على السيطرة على تصرفاته و تظهر الشتيمة على لسان الشخص على حسب خلق الإنسان و إيمانه بوجه عام و توضح حدوده التي يتوقف عندها في إهانة الشخص المقابل (المشتوم) و نوعية هذه الحدود سواء كانت الأدمية أو الدين أو الخلق أو الشرف أو الأهل أو غيره أو لا يوجد حدود على الإطلاق !

إنتشرت الشتائم التي كنا نخجل من قولها أو سماعها بإعتبارنا ناس تحترم نفسها و أخلاقها و دينها و كنا كذلك نحرص على ألا يسمعها أحد من أهالينا خصوصاً البنات بإعتبارها خادشة للحياء و أهم ما في البنت هو حياءها، حتى الشباب المنحرف و سيئ الخلق كان يحرص على ألا يتلفظ بألفاظ نابية أو قبيحة أو جنسية أمام بنت يبدو عليها الإحترام أو حسن الخلق حرصاً على إحساسها.

و مع الوقت و و ضغط الحياة و تطور الأجيال صار الكثير من الشباب لا يجد في الشتائم التقليدية (الغير نابية) ما ينفس عن غضبه، و بالتالي صار يشتم بألفاظ أكثر سوءاً مثل سب الأهل أو قذف العرض (الشرف) أو سب الدين أو الثلاثة معاً . كانت الشتائم في السر خجلاً من اللفظ أو من المجتمع ، ثم زال الخجل فصارت تلك الشتائم عياناً و عالية الصوت في كل مكان و متوقعة من أي شخص حتى إن كان إبن ناس و محترم و ذو خلق و دين .. و إن لم يقولها صراحة فإنه يقولها تلميحاً و صارت الشتائم القديمة مثل نذل أو جبان أو وقح أو ما شابه مجرد موضة قديمة أو مزحة لا تحمل معنى الإهانة .

و بالتالي فإن الحرص على الأهل و الأخت من ألا تسمع هذه الألفاظ لم يعد موجوداً لسببين:
  1. الإعتياد على تلك الشتائم، فصار من الصعب التوقف عن تلك الشتائم في مواقف معينة أو لأجل أشخاص بعينهم فقد صارتجزء من طبع الشخص. حتى صارت تلك الشتائم شيئ تقليدي في بعض البيوت .
  2. أن تلك الشتائم صارت موجودة في كل مكان من مواصلات و مدارس و جامعات و أندية و غيره .فلم يعد من الممكن أن تصون أذنك عن سماع تلك الألفاظ .

و كانت النتيجة هي خدش حياء البنت (الأخت و الأم و البنت) و الأسرة و الأولاد و المجتمع ككل، فصار نسيج حياء المجتمع متهتك من كل إتجاه و صارت الأخلاق في الحضيض.

و مع إنفتاح الإعلام من القنوات الأجنبية و الإنترنت و غيره، دخلت الشتائم الأجنبية كنوع من الروشنة و الدعابة و الشتيمة في نفس الوقت مثل (shit, mother fucker, damn , bitch, …) و غيره ، و صار بعضه دارج في كلامنا بإعتبار أن النطق بالإنجليزية سيغير معنى الكلمة النابية .

ثم ظهرت مؤخراً مجموعة من الألفاظ التي تقال بدلاً من الشتائم و هي ألفاظ عامة تحتمل أكثر من معنى كنوع من التورية و المداراة للحفاظ على الذوق العام و نظافة اللسان و إن كانت لا تخلو تماماً من المعنى النابي أيضاً، و كثيراً ما يكون القائل لايقصد معنى محدد و أكثر من أنها شتيمة عامة بدون معنى محدد مثل:
  • “يا أخي لامؤاخذة” أو “ده تصرف لا مؤاخذة”
  • تييييت (الصفارة المستخدمة لإخفاء الألفاظ النابية من الإعلام العربي المحافظ)
  • “What the fun is that ?” بدلاً من “what the fuck is that?” ـ
  • “Sit … down” بدلاً من shit
  • "يا إبن اللذين آمنوا ... " بدلاً من "يا إبن ....."

و يبدو أن السبب في ذلك أن بعض الشباب عف اللسان و الذي يأنف أن يقول مثل تلك الألفاظ أصابته حالة من القرف أو الإشمئزاز و حاول أن يجد بديلاً عن تلك الألفاظ الفجة و النابية بألفاظ أقل حدة فلجأ إلى الإحتيال على ذلك بأسلوب التورية. قد تكون تلك ظاهرة صحية إلى حدٍ ما و يكون تعميمها شيئ مفيد لكل الشاتمين و المشتومين على السواء سواء كنوع من الإهانة أو نوع من الدعابة (كما يحدث أحياناً).



هذا رأيي و الله أعلم
أحمد حسني
qasaqis.blogspot.com



روابط متعلقة بالموضوع:



No comments: